التقرير نصف السنوي للحريات الإعلاميّة 2018 البحرين مكان غير آمن لمزاولة النقد والصحافة: 14 حكم قضائيّ لصحافيين ومغردين و14 حالة اعتقال و6 استجوابات
لندن، المملكة المتحدة/ 3 أغسطس 2018/ رابطة الصحافة البحرينية: أيّام مظلمة تمرّ على الصحافيين البحرينيين مع مواصلة الحكومة حربها على المتبقّي من منافذ حرّية التعبير المتاحة. فقد أنجزت السلطات الأمنيّة كامل سيطرتها على الفضاء الإعلاميّ مع إخراج صحيفة “الوسط” من الساحة لتبقى مزاولة الصحافة حكْراً على الصحف الناطقة باسم الحكومة؛ وكذلك مع استكمال محاصرة الفضاءات الاجتماعيّة المتمثلة في وسائل التواصل الاجتماعي التي ظلت على مدار الأعوام السابقة منصات الجدل الرّئيسة لتبادل الآراء ونقد المسؤولين في الأمور المتعلقة بالشأن العام. لكنها الآن أصبحت مهجورة ولجأ المغرّدون للاختباء خلف التسميات المستعارة والتلطّي وراء العبارات المواربة بعد أن ارتفع منسوب المخاطرة لمستخدميها. ما خلا تلك الحسابات التي يشرف عليها نشطاء بحرينيون يقيم خارج البلاد.
لم تشهد البحرين مثل هذه الأيّام حتّى في أشدّ الفترات حلكة مثل فترة السلامة الوطنيّة عام 2011. على الأقل؛ كان ما يزال إذّاك دور تقوم به وسائل التواصل الاجتماعيّ. كثيراً ما أُجبرت السلطات على الامتثال للضغوط التي كانت تأتيها من حملات الإنترنت. استدعاء المغرّدين إلى غرف التحقيق وعرضهم على المحاكم بتهم متكرّرة مثل “إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي” أصبح شيئاً شبيها بلعبة القط والفأر بين الأجهزة الأمنية ونشطاء الإنترنت.
ورصدت رابطة الصحافة البحرينيّة نحو 14 إجراءاً قضائيّاً خلال النصف الأول من هذا العام 2018 في قضايا يمكن تصنيفها بشكل حاسم على أنها قضايا حرية رأي وتعبير. كما رصدت 14 حالة اعتقال و6 حالات استجواب لمواطنين. وقد شكّلت القضايا المحرّكة ضدّ مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي النسبة الأكبر من هذه القضايا. وتتنوّع التهم الموجهة لهم بين “التحريض على كراهية النظام” و“إساءة استخدام وسائل الاجتماعي” و“التعرض بالشتم لرموز ملة معينة“. وحلّ الصحافيون والمصوّرون في المرتبة الثانية بعد المغرّدين على قائمة المستهدفين خلال الفترة موضع الرّصد. ولم يعد الأمر يقتصر على أولئك الصحافيين والمصوّرين الذين يجري احتسابهم على الفئات المعارضة؛ ثمة استجوابات طالت أيضاً أولئك الذين يصنّفون تقليديّاً كموالين للنظام. حين يتعلق الأمر بحرّية النقد والتعبير فإنّه على ما يبدو “الجميع في الهمّ سواء“. لكنّ الإجراءات القاسية خاصّة المتعلّقة بالأحكام الباتّة الصادرة عن المحاكم البحرينيّة فهي تكاد تقتصر على المعارضين وحدهم.
وفيما يلي أبرز القضايا التي سجّلتها رابطة الصحافة البحرينية ضمن قاعدتها البيانيّة في الفترة الممتدة من يناير/ كانون الثاني إلى يونيو/ حزيران 2018.
القضاء والمحاكم
أيدت محكمة التمييز (15 يناير/ كانون الثاني 2018) حكماً بسجن الناشط الحقوقي نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، سنتين بتهمة “نشر شائعات وأخبار كاذبة“. وقضت محكمة بحرينية (24 يناير/ كانون الثاني 2018) بالحبس 6 أشهر على رجل دين شيعي بعد إدانته بـ“سب يزيد بن معاوية“. وقضت المحكمة الجنائية الكبرى (21 فبراير/ شباط 2018) بسجن الناشط الحقوقي البارز نبيل رجب بالسجن مرة أخرى لـ 5 سنوات لانتقاده التعذيب في سجن بحريني والغارات الجوية السعودية في اليمن. وقضت محكمة بحرينية (28 فبراير/ شباط 2018) بحبس المذيع السابق في “تلفزيون البحرين” محمد الشروقي 3 أشهر وكفالة 100 دينار لوقف التنفيذ بعد اتهامه بشتم النائب السابق محمد خالد. وأيدت محكمة الاستئناف (7 مارس/ آذار 2018) الحكم ضد الصحافي بجريدة “الوسط” محمود الجزيري والناشط الإلكتروني علي معراج بالسجن 15 سنة للأول و25 سنة للثاني وإسقاط جنسيتهما بتهمة “الانضمام لخلية إرهابية“.
وأيدت محكمة الاستئناف (21 مارس/ آذار 2018) حكما بسجن الناشطة جليلة السيد أمين عاما كاملا وغرامة مالية قدرها ألف دينار بتهمة “إدارة حساب على موقع التواصل الاجتماعي يوجه انتقادات للحكومة“. وأيدت محكمة الاستئناف البحرينية (27 مارس/ آذار 2018) حكما بسجن المصور الصحافي سيد أحمد الموسوي 10 سنوات مع إسقاط جنسيته. وقضت محكمة بحرينية (18 أبريل/ نيسان 2018) بحبس النائب السابق محمد خالد 3 أشهر وكفالة مالية قدرها 300 دينار لوقف التنفيذ بعد إدانته بـ“التعرض بالشتم لرموز ملة معينة” على موقع تويتر.
وقضت المحكمة الجنائية الصغرى الخامسة (9 مايو/ أيار 2018) بسجن المغرد سيد علي الدرازي سنتين بسبب نشره تغريدات اتهم بأنها تحرض على كراهية النظام على منصات التواصل الاجتماعي. وأيدت محكمة التمييز (4 يونيو/ حزيران 2018) حكماً بتغريم مراسلة راديو مونتيكارلو وفرنسا 24، نزيهة سعيد، 1000 دينار بتهمة “العمل من دون ترخيص“. وأيدت محكمة الاستئناف (5 يونيو/ حزيران 2018) الحكم الصادر بسجن الناشط الناشط الحقوقي البارز نبيل رجب بالسجن 5 سنوات لانتقاده التعذيب في سجن بحريني والغارات الجوية السعودية في اليمن. ورفض قاضي تنفيذ العقاب (20 يونيو/ حزيران 2018) استبدال عقوبة المذيع محمد الشروقي بعمل يدوي، بعدما حكمت المحكمة بحبسه 3 أشهر عن تهمة سب النائب السابق محمد خالد على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر“. وقضت محكمة بحرينية (25 يونيو/ حزيران 2018) بسجن الناشطة الإلكترونية نجاح أحمد يوسف 3 سنوات بسبب إدارتها صفحة على الإنترنت تنشر فيها الاحتجاجات في قريتها ضد إقامة سباق “الفورمولا واحد” في البحرين.
ملف الاعتقالات
أوقفت السلطات الأمنية (24 فبراير/ شباط 2018) 6 مغرّدين وهم: محمد الشروقي، عبدالله المالود، خالد محمد محمد، راشد سعد الدوسري وفهد الشمري بتهمة “إنشاء حسابات مغرضة ونشر تغريدات مسيئة للأشخاص وتشكل تحريضاً وإثارة للفتنة“. وألقت النيابة العامة (26 مارس/ آذار 2018) القبض على ناشط إلكتروني لم تفصح عن اسمه قالت إنه “نشر تغريدات على برنامج التواصل الاجتماعي “تويتر” تتضمن السب والإساءة للغير“. وأعلنت النيابة العامة (30 مارس/ آذار 2018) حبسها لـ3 أشخاص 7 أيام على ذمة التحقيق بتهمة “نشر إساءات عبر وسائل التواصل الاجتماعي“. وقالت وزارة الداخلية البحرينية (14 ابريل/ نيسان 2018) إنها ألقت القبض على أيمن محمد خالد، نجل النائب السابق محمد خالد بتهمة “تسريب معلومات عبر وسائل التواصل تمس الحياة الشخصية لآخرين“. واعتقلت السلطات الأمنية (27 ابريل/ نيسان 2018) مصور “ناشيونال جيوغرافيك” سيد باقر الكامل أثناء تجوّله في مجمع تجاري بالعاصمة المنامة؛ وأخبر بأن ثمة حكماً صادرا بحقه بالسجن شهرين وأنه يتوجب عليه التقدم بمعارضة الحكم ودفع غرامة إذا أراد إطلاق سراحه. واعتقلت السلطات الأمنية (12 يونيو/ حزيران 2018) المصور حسن قمبر المحكوم بالسجن أكثر من 120 سنة، وذلك بعد مداهمة منازل في النويدرات.
التحقيق والاستجواب
استجوبت السلطات الأمنية (16 يناير/ كانون الثاني 2018) النائب السابق محمد خالد بتهمة “إهانة رمز موضع تمجيد لدى أهل ملة” وقررت إحالته على النيابة في 30 يناير/ كانون الثاني لنظر القضية. واستدعت النيابة العامة البحرينية (25 يناير/ كانون الثاني 2018) الكاتبة الصحافية بجريدة “الوطن” سوسن الشاعر حيث حققت معها في تهمة “سب الشعب البحريني” عبر برنامجها التلفزيوني “على مسوؤليتي” الذي يُعرض على شاشة تلفزيون البحرين. واستدعى قسم الجرائم الإلكترونية في إدارة التحقيقات الجنائية (21 فبراير/ شباط 2018) أمين عام جمعية التجمع “الوحدوي” المعارضة، حسن المرزوق، للتحقيق معه بتهمة “نشر تغريدات له على تويتر تحرّض على الخروج في تظاهرات“. واستدعت النيابة العامة (20 مارس/ آذار 2018) رئيس تحرير صحيفة “الوطن” يوسف البنخليل إثر شكوى تقدم بها ضده النائب أنس بوهندي لنشره أخباراً عنه. واستدعت إدارة الجرائم الإلكترونية (17 أبريل/ نيسان 2018) المغرد والعقيد السابق في الجيش البحريني محمد الزياني للتحقيق. واستدعت السلطات الأمنية (26 يونيو/ حزيران 2018) الصحافي محمد الغسرة، مدير موقع “دلمون بوست“، للتحقيق معه بشأن أخبار نشرها عن إدارة الأوقاف الجعفرية.
إن رابطة الصحافة البحرينية تدين استهداف الصحفيين والمدونين والمصورين الذي ترى أنه أصبح سلوكاً ممنهجاً وشائعاً، وهو من أهم الأسباب التي أدت إلى تراجع سمعة البحرين على المستوى الدولي في ما يتعلق بحرية الإعلام. وتطالب الرابطة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وكافة المنظمات والهيئات الدولية المعنية بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والإعلام للتدخل العاجل وممارسة الضغط على الحكومة البحرينية من أجل:
ــــ الإفراج الفوري دون قيد أو شرط عن جميع المصورين والإعلاميين والنشطاء المحتجزين بسبب مزاولتهم عملهم في تغطية الاحتجاجات أو ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير.
ــــ إيقاف الملاحقات والاعتقالات التعسفية والمحاكمات القضائية بتهم “إهانة الملك” و“بث بيانات كاذبة” لنشطاء الإنترنت والإعلاميين وتهمة “التجمهر” للمصورين و“التحريض على كراهية النظام” للسياسيين، وكل ما يتصل بالحد من حرية الرأي والتعبير في البلاد.
ــــ فتح الحريات الإعلامية والصحافية في البلاد وإغلاق مكتب الرقابة على الإنترنت في وزارة الاتصالات والغاء العمل بقانون رقم (47) لتنظيم الصحافة والنشر والطباعة في البلاد.
ــــ إنهاء احتكار السلطة للإعلام التلفزيوني والإذاعي والمكتوب وفتح وسائل الإعلام للرأي الآخر المعارض، وبما يشمل اعادة التصريح لصحيفة الوسط بالصدور.
ــــ دعوة مقرر الأمم المتحدة الخاص بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير إلى جدولة زيارة عاجلة إلى البحرين.
هذا وتتقدم رابطة الصحافة البحرينية بالشكر الجزيل إلى جميع من ساهم في إنجاز هذا التقرير، ونخص بالشكر (الصندوق الوطني للديمقراطية NED –الولايات المتحدة (الجهة الممولة لإنتاج التقرير).