الدولة: الرأي الأول والأخير
رابطة الصحافة البحرينية – لندن – 11 نوفمبر 2016: أصدرت وزارة الداخلية البحرينية تحذيرا لمواطنيها من صدور أي تصريح أو موقف قد يكون مخالفاً بأي شكل من الأشكال لتوجه البحرين فيما يتعلق بمشاركتها في الحرب على اليمن مارس (آذار) ٢٠١٥ أو إعدام رجل الدين الشيعي الأبرز في السعودية الشيخ نمر النمر يناير (كانون الثاني) ٢٠١٦. وبذلك، هي لا تسمح بالانتقاد أو التعليق أو إبداء الرأي إلا إذا كان ايجابيا ويسير مع الرأي الرسمي في المملكة متعذرة بأن التغريد أو إصدار البيانات “يهدد أمن وسلامة المجتمع للخطر، فالوضع يتطلب اصطفافاً وطنياً وجبهة داخلية متحدة وقوية حفاظاً على الأمن والنظام العام والاستقرار” حسب ما جاء في بيان الداخلية.
فعلى الرغم من أن المشاركة في أي حرب خارج حدود الوطن هي أمر يجب أن يصوّت ويوافق عليه البرلمان حسب الدستور البحريني، إلا أن قرار المشاركة في التحالف الذي يشارك في الحرب على اليمن بقيادة المملكة العربية والسعودية وبمشاركة عدد من الدول منها البحرين جاء فجرا دون علم أي من المؤسسة البرلمانية في البلاد.
تمنع التشريعات الحكومية اليوم الحديث عن هذا الأمر أو مناقشته أو الاعتراض عليه كسياسي أو ناشط اجتماعي أو صحافي، أو حتى كمواطن تدخل بلاده في حرب تبعد آلاف الأميال عن أرضه، بأمواله ومقدراته.
الذين أبدوا وجهات نظر مخالفة أو معترضة على مشاركة البحرين في التحالف واجهوا أحكاماً بالسجن لمدة خمس سنوات، وتم تخفيض البعض منها إلى ثلاث سنوات كأمين عام جمعية التجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي البحريني فاضل عباس والمغردين حسين خميس ويوسف العم.
عباس وخميس والعم اتهموا بـ ”الإساءة إلى القوات المشاركة في عاصفة الحزم، وإذاعة بيانات عمداً في زمن الحرب، وعمدوا إلى دعاية مثيرة، وكان من شأن ذلك إلحاق ضرر بالاستعدادات الحربية للدفاع عن مملكة البحرين والعمليات الحربية للقوات المسلحة، وإثارة الفزع بين الناس” حسب بيان للداخلية البحرينية.
كما اتهم عباس “بنشر بيان للجمعية في وسائل الإعلام، تضمن تعريضاً بالإجراءات العسكرية التي تتخذها البحرين حالياً مع عدد من الدول الشقيقة من أجل إعادة الشرعية واستقرار الأوضاع في اليمن، بما من شأنه التشكيك في سلامة ومشروعية موقف المملكة السياسي والحربي؛ حسب بيان للداخلية أيضا.
وواجه المغردون الذين عبروا عن رفضهم إعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر المصير ذاته، إذ أصدرت وزارة الداخلية بيانا هددت فيه باتخاذ إجراءات قانونية “تجاه أي إساءة أو تعاط سلبي من خلال بيان أو تصريح بشأن تنفيذ الأحكام القضائية التي صدرت في المملكة العربية السعودية الشقيقة، باعتبار ذلك يشكل إثارة للفرقة والفتنة وتهديدا للسلم الأهلي”.
وكان أول ضحايا هذا المنع هو الدكتور سعيد السماهيجي الذي حكم بالسجن لمدة عام لـ”ريتويت” (إعادة نشر) قام به لتغريدة تستنكر تنفيذ حكم الإعدام، حيث مثُل أمام المحكمة الصغرى ومن ثم الاستئناف التي أيدت الحكم عليه بقضاء ١٢ شهرا وراء القضبان.
واعتادت السلطات البحرينية اعتقال المغردين والسياسيين والصحافيين ومحاكمتهم لآرائهم السياسية التي تخالف توجهات الدولة أو سير عملها، إلا أن تهديد السلطات من ذلك وتمنع التعبير عن الرأي عبر بيانات صريحة، بحجة السلم الأهلي والسيادة فهو مستوى جديد من تكميم الأفواه تمارسه هذه السلطات منذ أكثر من عام.