ميثاق الشرف الصحفي في البحرين دون أرضية ملائمة
لندن – رابطة الصحافة البحرينية – 10 يناير 2015
لم يكن اجتماع رؤساء تحرير الصحف المحلية في البحرين لتوقيع ميثاق شرف صحفي، الأسبوع الماضي، الأول من نوعه أو سابقة داخل الكيان الصحفي في البحرين إذ سبق وأن تم التوقيع على مواثيق شرف صحفية، لعل أهمها الميثاق الذي وقعه رؤساء الصحف وأكثر من 360 صحافيا في العام 2012، حضره آنذاك الأمين العام لإتحاد الصحافيين العرب مكرم محمد أحمد ورئيس الإتحاد الدولي للصحافيين، جيم بو ملحة.
ويدعو الميثاق الذي تم التوقيع عليه الأربعاء الماضي، إلى احترام عدة مبادئ رئيسية، يأتي في مقدمتها ترسيخ أواصر الوحدة الوطنية، وعدم التحريض وإثارة الفرقة بين أي من مكونات المجتمع. مع التمسك بالمعايير التي تضمن نزاهة وموضوعية ومصداقية العمل الصحافي والعاملين به ودورهم الرائد في حماية المنجزات الوطنية بعيدًا عن الإثارة أو التوجيه المغرض أو الاعتداء على الخصوصيات أو بث الإشاعات والمعلومات غير المؤكدة أوالإساءة لعلاقات البحرين بأصدقائها أو حلفائها أو رموزها.
على أن العمل بهذا الميثاق والإلتزام به يفترض إتخاذ مجموعة من الإجراءات الجديّة التي من شأنها أن تساهم في تطبيق ما جاء في ميثاق الشرف الصحفي الجديد على أرض الواقع.
ولعلّ من أوكد الإجراءات وأكثرها إلحاحا في هذا الخصوص هو مراجعة قانون عدد47 لسنة 2002، وهو القانون سيء الصيت، وإقرار قانون جديد ينظم قطاع “الصحافة والإعلام والنشر”، ويسهل تأسيس المؤسسات الإعلامية ويوفر الحماية القانونية للصحفيين. فقانون الصحافة لسنة 2002 يحتوي على ما لا يقل عن 6 مواد تنص على عقوبات جنائية في حق الصحفيين تشمل حبسهم وهي ذاتها المواد القانونية التي تشرع لإعتقال الصحفيين ومقاضاتهم، كما أنه يتصل وقانون العقوبات البحريني الذي قد يحيل إلى عقوبات أشد وأكثر تخويفاً.
بالإضافة فإنه من الضروري السماح بحرية إصدار الصحف وذلك من خلال تخفيف القوانين المنظمة لهذا المجال وبخاصة المادة 50 من قانون 2002 التي تقضي بأنه “يجب ألا يقل رأس المال المدفوع للشركة التي ترغب في إصدار صحيفة عن مليون دينار بحريني إن كانت الصحيفة يومية وعن مائتين و خمسين ألف دينار بحريني بالنسبة للصحيفة غير اليومية و بالنسبة للصحف المتخصصة، يجب ألا يقل رأس المال المدفوع عن خمسين ألف دينار بحريني”. كما تجدر الإشارة بضرورة أن يتضمن هذا القانون إنهاء احتكار الحكومة للإعلام السمعي والبصري وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص بدخول سوق المنافسة.
على المستوى النقابي، ما تزال البحرين تحتاج إلى نقابة مهنية حقيقية تقوم بدورها الرئيسي في تمثيل الصحفيين بعيداص عن تأثير الدولة وسيطرتها، ومن واجب هذه النقابة المنتخبة من قبل الصحفيين مراعاة مصالحهم والدفاع عنهم. هذه النقابة من المؤمل أيضاً أن تكون الجهة الأمينة على المهنة، وضمان الإلتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية في شتى المؤسسات الصحافية والإعلامية، الحكومية منها والخاصة على حد سواء.
من جهة أخرى، تعتمد الحكومة البحرينية أسلوب السيطرة على الإعلانات التجارية والحكومية وتوجيهها بحسب ولاء الصحف لها ولسياساتها. وهو أسلوب تضغط من خلاله لتطوع الخط التحريري للصحف بما يتناسب وما تمليه وتفرضه من ضوابط تصل في الكثير من الأحيان إلى أوامر مباشرة بالمنع أو السماح بالنشر. إن اعتماد الشفافية في توزيع الإعلانات الحكومية على الصحف هو شرط مهم وأساسي في ضمان تسيير أفضل للمؤسسات الإعلامية والصحافية في البلاد.
وفي ما يتعلق بالصحافة الإلكترونية فإن الدولة مطالبة بضمان الحريات في هذا المجال ورفع الحظر عن عديد المواقع الإلكترونية والمدونات ووسائل التواصل الإجتماعي، بالإضافة إلى إيقاف الإعتقالات وتوجيه التهم إلى النشطاء في هذا المجال مستخدمة في ذلك سيطرتها على الأجهزة القضائية.
فمنذ تأسيسها في سنة 2013 سعت إدارة السلامة الإلكترونية التابعة لوزارة الإتصالات على إبطاء سرعة الإنترنت وتعطيل تطبيقات واتساب وفايبر وسكايب خلال عدد من الإحتجاجات بالإضافة إلى التجسس على النشطاء في وسائل التواصل الإجتماعي على وجه الدقة، وهو ما أكدته عديد المنظمات المعنية بكشف حالات التنصت والتجسس على الصحافيين والنشطاء الإلكترونيين.
وما يزال استهداف الصحفيين والمدونين والمصورين، ملفا شائكا وهو من أهم الأسباب التي أودت بتراجع سمعة البحرين على المستوى الدولي في ما يتعلق بحرية الإعلام. ففي سنة 2015 جاءت البحرين في المرتبة 163 ضمن قائمة تضم 180 دولة، في ما يتعلق بالحريات الصحفية على مستوى العالم بحسب تصنيف منظمة” مراسلون بلا حدود”.
إن تطبيق ميثاق شرف صحفي يؤكد على عدم بث الفرقة بين مكونات المجتمع وينبذ الكراهية والطائفية، يفرض وقف تطويع القضاء لمحاسبة الصحافيين والنشطاء الإلكترونيين بمختلف تخصصاتهم بالإضافة إلى ضرورة تطبيق الميثاق وبنوده على كل الصحف دون استثناء، وهو ما يتصل بعديد المخالفات التي ترتكيها الصحف المحسوبة على الحكومة من تحريض على الكراهية والعنف دون أن تكون للقذاء ردة فعل، فيما تتكدس القضايا على الصحافيين والنشطاء ممن لا تكون أراءهم متوافقة ووجهة النظر الحكومية، سواء في القضايا الداخلية، الإقليمية، أو الدولية.
إم نجاح أي ميثاق للشرف الصحفي يرتبط وبشكل مباشر في تصحيح المسارات القائمة، وفي مقدمتها الإفراج عن المعتقلين من الصحافيين والمصورين والنشطاء الإلكترونيين. وهو ما سيسهل من توافق الجسم الصحافي أولاً، والمضي في إصلاح القطاع كاملاً تحت مظلة نقابة مهنية تمثل الصحفيين كافة، دون استثناء.