عامان على إغتيال أحمد إسماعيل: الحادثة قيد التحقيق
منذ 31 مارس 2012 ومأساة عائلة الصحافي المصور أحمد إسماعيل مستمرة، حيث قُتل إسماعيل الذي لم يتم عامه الثاني والعشرين برصاصة في خاصرته أردته قتيلاً.
إسماعيل كان يحمل كاميرته لتسجيل مظاهرة في منطقة سلماباد، وبالإضافة إلى ذلك، كان لكاميرته أن تحضى بتوثيق آخر لحظات حياته.
عذابات عائلة اسماعيل مستمرة حتى اليوم بتعمد الجهات الرسمية في البحرين المماطلة، بدءاً من إجراءات التصريح بالتشييع والدفن التي استغرقت ثلاثة عشر يوماً، ووصولاً إلى التستر المتعمد من قبل الأجهزة الامنية على القاتل، رغم مرور قرابة العامين على مقتله.
إسماعيل الذي حمل الكاميرا ورافقها لسنوات إعتبرها وسيلته الخاصة لتوثيق ما تشهده بلاده من أحداث، وما يعانيه أبناء وطنه من إنتهاكات. وعديدة هي الأفلام التي قام بتسجيلها لتعرض لاحقاً في العديد من القنوات التلفزيونية التي كانت تبحث عن أي مصدر يزودها بهذه الأفلام، حيث كانت – ولا تزال – السلطات البحرينية ترفض السماح للعديد من وسائل الإعلام الدخول إلى أراضيها.
إعتُقل أحمد اسماعيل عدة مرات منذ سن الرابعة عشرة من عمره، وتعرض لسوء المعاملة والتعذيب كما تؤكد عائلته، كان الهدف من الإعتقالات هو أن يتحول لمخبر لصالح الأجهزة الأمنية، وهو “العرض” الذي لم يكن يستهويه.
الإعتقالات المتتالية تسببت في فقدان فرص إستكمال تعليمه، وقبل أن ينهي دراسته في المرحلة الثانوية فقد حياته. تؤكد شقيقته نادية إسماعيل أنه كان يريد أن يكمل دراسته الجامعية في مجال القانون ليعمل كمحامي.
تقول نادية: “حاصرتنا قوات الأمن في المستشفى الدولي بينما كان أحمد يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولم يسمح لنا بالسؤال عنه أو رؤيته، بل راحوا يستجوبوننا ونحن في حالة يرثى لها من الضياع والقلق على مصير أخي”.
وتضيف: “فجأة توقفت جهود الأطباء، فلم يقوموا بالعملية التي كانت مقررة له، وبدلاً من ذلك جاء أمر بنقله لمجمع السلمانية الطبي، وهناك أعلنت وفاته”.
لم تقبل عائلة الصحافي المصور أحمد إسماعيل تسلم شهادة الوفاة التي ذكر فيها أن سبب الوفاة هو توقف القلب والتنفس وبسبب إصابة غائرة في البطن، وبعد مراجعتهم شرطة المنطقة الوسطى لطلب تقرير من الطبيب الشرعي يثبت إصابته بالرصاص الحي، عندها فقط أصبحت العائلة “كرة ما بين أرجل وزارة الداخلية، ووزارة الصحة، والنيابة العامة، كل جهة ترمي بهم لجهة أخرى، وكل يخلي مسؤوليته عن إصدار شهادة الوفاة وبيان سببها لمدة 13 يوما”.
تقول نادية: “في إجتماع مع الجهات الأمنية للتوصل إلى حل وتسلم الجثمان، اجتمعنا مع ضباط بشرطة المنطقة الوسطى، عندها أدلى أحدهم بمعلومات تبين بأنهم يعرفون القاتل ونوع السلاح المستخدم، وعندما طالبتهم بتوضيح ذلك، والإفصاح عن حجم الرصاصة أو نوع السلاح الذي سيقودنا للقاتل، إلا أن الضابط عاد وغير أقواله، وقال بأنه ليست لديه أية معلومات عن السلاح أو عن القاتل، وأنه يفترض فقط”.
خلال بحث العائلة وتحرياتها، توصلت إلى أن السلاح قد يكون من صنع فرنسي، يستخدم فيه الليزر للتصويب على الضحية، ويستطيع الإصابة من مسافة بعيدة نسبيا.
تعود نادية إسماعيل لتضيف”قتل أخي بالقرب من الشارع العام، حيث كانت تتواجد كاميرا المراقبة التابعة للصراف الآلي، وكاميرا المراقبة فوق مبنى الجامعة المجاور، كما كانت هناك كاميرات مراقبة فوق أربع محلات تجارية قريبة، كلها أصبحت في حيازة وزارة الداخلية بعد الحادثة، إلا أنها لا تزال تتستر على القاتل”.
فقدت عائلة إسماعيل الكاميرا التي كانت في يد إبنهاوقت الحادثة، وعندما حصلوا عليها لاحقا، أختفت منها التسجيلات الأخيرة كاملة.
بعد أربعة أيام من مقتله، هددت النيابة العامة العائلة بأنهم إن لم يتسلموا جثة أحمد ويقوموا بدفنها وإستلام الشهادة التي أصدرت فإن النيابة ستقوم بدفنها. تؤكد العائلة أن تهديد النيابة كان “إجراء غير قانوني حسب المرسوم 16 لسنة 1993، المادة 49 الفصل السابع، والتي تمنع كتابة شهادة الوفاة إذا وجد فيها شبهة جنائية”.
قدمت العائلة للنيابة العامة قائمة بأسماء وأرقام الاتصال لإثني عشر شاهداً على واقعة استشهاد أحمد. تقول نادية “تم خلال استجواب الشهود تهديد بعضهم بالاعتداء على زوجاتهم كما تم توجيه الاتهام لهم بطريقة غير مباشرة، كما تم استهدافهم جميعاً في وقت لاحق بالإعتقال عبر مداهمات منازلهم أو عبر نقاط التفتيش”.
إستجوبت الأجهزة الأمنية ناجي إسماعيل – الأخ الشقيق لأحمد إسماعيل – أكثر من مرة حول ظروف مقتل شقيقه. يضيف: “نحن مؤمنون بأن الأجهزة الأمنية هي المسؤول عن الوصول لقاتل أخي، طلبنا ضم تصوير الحادثة من كاميرات المراقبة في المنطقة، وبدلاً من ذلك، أختفت الكاميرات منذ الحادثة، جمعنا أسماء الشهود وتقدموا بشهاداتهم، ولكن لا نتيجة”.
لم تفقد عائلة الصحافي المصور أحمد إسماعيل الأمل، السلطة في البحرين تضع قضية أحمد تحت بند “قيد التحقيق”، لكن العائلة تقول أنها تسعى لتحريك القضية على مستوى دولي. تؤكد العائلة انها ستواصل رحلتها في البحث عن العدالة خارج أسوار الوطن للتعرف على قاتل أحمد وتقديمه للعدالة.