الصحافيون في مصيدة “الإفلات من العقاب”

 

في 7 يوليو/ حزيران 2013، رفع حساب مؤيد للحكومة في موقع اليوتيوب فيديو لرئيس وزراء البحرين خليفة بن سلمان آل خليفة أثناء زيارته لمجلس الضابط بوزارة الداخلية مبارك بن حويل بعد أن تم تبرئته في 1 يوليو/ تموز 2013 من تهم تتعلق بتعذيب الأطباء في المعتقل عام 2011.

وفسرت الزيارة التي لم يعلن عنها رسمياً على أنها دعم وتأكيد من رئيس وزراء البحرين أن سياسة الإفلات من العقاب تأتي من أعلى المستويات في العائلة الحاكمة، كما أكدت على عدم استقلالية القضاء في البحرين.

وجاءت الكلمة التي قالها رئيس وزراء البحرين في مجلس بن حويل بأنمانرضى عليكم. هالقوانين محد يطبقها عليكم، إلا علاقتنا وياكم، وإلي يطبق عليكم يطبق علينا إحنا. وإحنا جسد واحد” (١)، لتكون بمثابة الدليل الواضح  لإثبات أن الإفلات من العقاب في البحرين بات سياسة ممنهجة معتمدة من القيادات العليا في الدولة.

على صعيد الواقع الإعلامي وحرية الصحافة في البحرين، فقد رسخت السلطة القضائية مفهوم هرم السلطة التنفيذية في الإفلات من العقاب، وعدم محاسبة المسئولين عن قتل وتعذيب العاملين في المجال الإعلامي والصحافي. ففي 12 مارس/ آذار 2013 برأت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى الشرطة الخمسة المتهمين في قضية مقتل المدون زكريا العشيري في السجن

وكان تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق أشار في فقرته (998) إلى أن الطب الشرعي انتهى إلى وجود كدمات عريضة على رقبة زكريا العشيري. وفي التفاصيل أفاد التقرير بأنه في تمام الساعة 9:00 من صباح يوم 9 أبريل/ نيسان 2011، أعلنت وفاة زكريا العشيري، حيث ورد بشهادة الوفاة أن الوفاة كانت نتيجة سكتة قلبية شديدة وتوقف التنفس عقب مضاعفات بسبب أنيميا خلايا الدم المنجلية (السكلر).

وأكد تقرير الطب الشرعي سبب الوفاة، وانتهى إلى أنه قد بدت آثار كدمات عريضة على رقبة المتوفى وفخذيه وكدمات أصغر على الوجه واليدين. وشددت اللجنة في تقريرها على أن سبب وفاة زكريا العشيري هو تعرضه للتعذيب في سجن الحوض الجاف، مع العلم أنه كان موقوفاً ساعة وفاته في وزارة الداخلية.

في ٢٧ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٣ خفضت محكمة الاستئناف الحكم الصادر بحق شرطيين من جهاز الأمن الوطني أدانتهم محكمة الدرجة الأولى بالسجن لمدة 7 سنوات في قضية تعذيب ناشر وأحد مؤسسي صحيفة الوسط البحرينية عبدالكريم فخراوي حتى الموت، إلى ٣ سنوات فقط.

وقتل عبدالكريم فخراوي (49 عاماً) في 12 أبريل/ نيسان 2011 بالسجن بعد اختفاء أثره لفترة 9 أيام، وهو واحد من الأشخاص الذين ذكرهم تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، بأنهم توفوا بسبب التعذيب. وكان رابع شخص يتوفى داخل التوقيف بسبب تعرضه للإيذاء النفسي والجسدي. حيث بدأت قصتهبحسب ما روته أسرتهبالتوجه في اليوم التالي من مداهمة منزله الكائن بمنطقة كرباباد وتكسير محتوياته والعبث فيه أبان فترة السلامة الوطنية، إلى مركز شرطة السنابس للاستفسار عما إن كان مطلوباً في قضية ما، وللتعرف على أسباب تكسير محتويات منزله، لكنه اختفى بعد ذلك لنحو 9 أيام حيث سلمت جثته لأسرته.

وفي قضية تعذيب الضابطة سارة الموسى للصحافية نزيهة سعيد، أيدت محكمة الاستئناف العليا في ٢٣ يوليو/ تموز ٢٠١٣ حكم محكمة الدرجة الأولى القاضي ببراءة الضابطة المتهمة بتعذيب نزيهة. وكانت المحكمة قد برّأت في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2012 الضابطة من تهمة تعذيب نزيهة، أثناء اعتقالها خلال فترة السلامة الوطنية.

ومرت القضية بعدة مراحل ابتداءً من نظر القضية أمام المحاكم العسكرية، إذ صرح حينها محامي الصحافية نزيهة سعيد، حميد الملا بأن القضاء العسكري قد أدان المتهمة بتغريمها 200 دينار على تهمة الاعتداء على سلامة جسم الصحافية وتغريمها 200 دينار بتهمة سب المجني عليها، كما قضت المحكمة بوقف علاوتها لمدة سنة، بعد إدانتها بتهمة عدم قيامها بالعمل بدقة وإخلاص ولم تحافظ على شرف الخدمة وحسن السمعة، كما أتت عملاً يتنافى مع حرمتها العسكرية.

ورأت سعيد أن المنظومة القضائية في البحرينلم تنصفها، وتجاهلت الكثير من حيثيات القضية، واصفة القرار بـغير العادل والذي يشعرها بالخوف والظلم“.

ومر على مقتل المصور الصحفي أحمد إسماعيل بالرصاص الحي في 31 مارس 2012 أثناء تغطيته لتظاهرة سلمية في منطقة سلماباد قرابة العامين دون أن تكون هناك أي مسائلة قانونية للجهات التي أطلقت الرصاص على إسماعيل، ويأتي ذلك رغم تأكيدات وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبدالله في مقابلة صحافية مع صحيفةالأيامفي ٣ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٣ القبض على متهمين في جميع القضايا الإرهابية التي وقعت، فلا توجد قضية لم يتم القبض على عدد من المتورطين فيها” (٢)، فيما توجد الكثير من قضايا القتل لمواطنين بسبب نشاطهم السياسي والإعلامي من دون متهمين.

 

هوامش

(١) وصلة فيديو زيارة رئيس وزراء البحرين لمجلس بن حويل http://www.youtube.com/watch?v=YVundvyyNS8

(٢) وصلة مقابلة صحيفة الأيام مع وزير الداخلية http://www.alayam.com/mobile/details.aspx?id=186542

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى