حكومة البحرين تستمر في التضييق على مواطنيها الشيعة في عاشوراء
رابطة الصحافة البحرينية، السبت 5 أغسطس، لندن، المملكة المتحدة: لم تتوقف حكومة البحرين منذ العام 2011 حتى اليوم، عن
ابتكار ذرائع وهمية للتضييق على مواطنيها من الشيعة لتمثيلهم الشريحة الأكبر من
المعارضين السياسيين لها، يأتي ذلك رغم الاستقرار الذي تشهده البلاد منذ سنوات وتراجع
حدة التظاهرات والاحتجاجات.
ووثقت رابطة الصحافة عددًا من الانتهاكات التي طالت المشاركين في إحياء مراسم عاشوراء
لهذا العام 2023 م/1445ه في البحرين من جانب قوى الأمن، في مقابل الخطاب الرسمي
الذي فرض على مواكب العزاء قيودًا تتنافى مع حرية إقامة الشعائر الدينية بالحد المتعارف
عليه.
الاستدعاءات والتعدي على مظاهر التعزية
اعتقلت قوات الأمن البحرينية عددًا من المواطنين في منطقة “عالي” بعد رفضهم إزالة
اللافتات العاشورائية يوم الأربعاء في 26 يوليو 2023، لتفرج عنهم لاحقًا بعد إلزام ذويهم
تسليمهم اليافطات والمعدات التي تم تجهيزها من أجل الموسم العاشورائي، كما جرى تهديد
“الأهالي عبر الاتصالات الهاتفية والاستدعاءات لإجبارهم ومتولّي المآتم والمساجد والمواكب
على إزالة المظاهر العاشورائية” وفق ما نشرته صحيفة “مرآة البحرين”.
كما رصدت “جمعية الوفاق” عددًا من حالات تعدي قوى الأمن على المظاهر العاشورائية في
مختلف المناطق، وإزالتها في وضح النهار، من خلال عناصر بلباس مدني، وقد تداول رواد
مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة توثق هذه التعديات، في حين وقعت بعض التعديات
خلال الليل وبعيدًا عن عدسات الكاميرا.
عزاء محلي وغياب الإعلام
وكان وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة قد اجتمع مع عدد من الهيئات والفعاليات
الشيعية في اليوم الثاني من محرم، ليعلن في نهاية الجلسة عن بعض النقاط كان أبرزها تأكيده
على أن البحرين “ليست وجهةً للسياحة الدينية في موسم عاشوراء” وعلى كون البلاد “ليست
بحاجة إلى أي خطباء ورواديد من الخارج”. وتعد هذه الخطوة وهذا التصريح تضييقًا على
المشاركين بالعزاء وحرمانهم من حقهم بإستضافة من يشاؤون، تحت ذريعة أن العزاء هو
للمعزين من البحرين فقط. في المقابل، تستقبل البحرين العديد من الأجانب لإحياء مناسبات
متنوعة، دينية وغيرها.
وعبر نشطاء على وسائل التواصل عن غضبهم إزاء هذه القيود التي تم وضعها على مناسبات
الشيعة تحديدًا. وباستثناء هذا الخطاب، تجاهل الإعلام البحريني الحكومي نقل كل ما له علاقة
بإحياء وإقامة المراسم العاشورائية، رغم كون الشيعة يمثلون الغالبية من المجتمع البحريني،
في حين يغطي الإعلام نفسه جميع الفعاليات الأخرى والمناسبات على اختلاف أنواعها.
من جهة أخرى، أكدت جمعية “الوفاق” أن السلطات الحكومية منعت السجناء من الطائفة
الشيعية من ممارسة شعائرهم الدينية في عاشوراء من خلال “حرمانهم من الكتب الدينيّة
خاصةً المتعلقة بـ عاشوراء، ومشاهدة القنوات الدينيّة، والحصول على تجهيزات لوجستيّة
خاصة بالعزاء مصادرة بعض التجهيزات المتواضعة التي أعدّها المعتقلون بأنفسهم، بالإضافة
لتقييد الإحياء الجماعي وإقامة المضائف”. في حين ينص القانون البحريني الخاص
بالسجون والذي جرى تعديله عام 2013 على جزئية السماح لهم بكل ما ذكر. إذ ينص القانون
على أن “للنزيل الحق في أداء شعائره الدينية في أوقاتها على ألا يخل ذلك بأمن ونظام
المركز، وعلى إدارة المركز العمل على تمكين النزلاء من أهل الكتاب من أداء شعائرهم بما
يكفل احترام مشاعرهم الدينية”.
التسامح الديني
تتنافى هذه التعديات والإجراءات مع حديث وزير الداخلية حول ” أهمية التمسك بالقيم
والأخلاق الحميدة ونبذ الكراهية والعمل على تهيئة الأجواء الآمنة والمحبة والتآخي بين
الناس”، وتشكل انتهاكًا صريحًا لما ينص عليه الدستور البحريني والميثاق الدولي لحقوق
الإنسان من حق كل فرد في التعبير عن رأيه وحرية المعتقد لجميع المواطنين.
ورغم انحسار موجة التعديات مقارنة بما شهدته السنوات الماضية، لا تزال الحكومة تتعاطى
مع مواطنيها الشيعة باعتبارهم مواطنين درجة ثانية، وما يزال التضييق الذي تمارسه يمثل
امتدادًا لنهجها السابق الذي تنصلت منه في عدة محافل دولية.
تدعو رابطة الصحافة البحرينية الحكومة لوقف هذه الإجراءات والاستمرار بما تبنته من
إصلاحات والتخلص من ترسبات الأزمة التي أدت لشرخ طائفي كبير في البلاد. كما تؤكد
الرابطة على أهمية الوصول إلى سياسات تكفل لجميع المواطنين الحصول على حقوقهم دون
تعرضهم لأي تضييق وملاحقة، وإحقاق المساواة والعدالة بين جميع شرائح المجتمع البحريني.