متى تكتفي البحرين من كراهية عبدالهادي الخواجة؟
رابطة الصحافة البحرينية، الأربعاء 10 مايو 2022, لندن، المملكة المتحدة: منذ العام 2011 تعاني حكومة البحرين من صداع مزمن عنوانه: عبدالهادي الخواجة. الصيت الدولي المرموق للخواجة كواحد من أبرز نشطاء حقوق الإنسان في منطقة الخليج أولاً، وحمله الجنسية الدنماركية إلى جانب الجنسية البحرينية ثانياً، عوامل أتاحت لعبدالهادي الخواجة الحصول على اهتمام سياسي وحقوقي وإعلامي كبير. ورغم عديد المناشدات الدولية والتحركات الدبلوماسية من جانب الحكومة الدنماركية ودول الاتحاد الأوروبي إلا أن البحرين تصر على بقاء عبدالهادي في سجنه.
الحكومة البحرينية ذهبت إلى اعتماد بعض الإجراءات التي لاقت ترحيباً محلياً ودولياً، فدشنت مشروع العقوبات البديلة وتلته بمشروع السجون المفتوحة. ورغم التوقعات التي كانت تذهب إلى أن الحكومة قد تعمد إلى منح عبدالهادي الخواجة فرصة للاستفادة من أحد هذه الإجراءات للإفراج عنه إلا أنها لم تفعل. لا مفر من الإقرار بأن روح الانتقام لا تزال مسيطرة على ذهنية رجالات الدولة في البحرين حين يتعلق الموضوع بعبدالهادي الخواجة تحديدًا.
لعبدالهادي دور بارز في احتجاجات فبراير 2011. يمكن اعتباره أحد أهم القادة الميدانيين. ومع إعلان حالة السلامة الوطنية (الطوارئ) خلال مارس 2011 لم تكتفي السلطات البحرينية باعتقال الخواجة وإحالته للمحاكمة، بل وثق تقرير اللجنة الملكية البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق “تقرير بسيوني” تعرض عبدالهادي الخواجة إلى التعذيب بشكل متوحش، تعرض إلى كسر في فكّه وللضرب المتكرر والإهانة.
لاحقاً حكمت السلطات القضائية على الخواجة بسجنه ورفاقه مدى الحياة بسبب دوره في الاحتجاجات ونشاطه في عقوبة هي الأقسى لأي معارض سياسي أو ناشط حقوقي. نددت الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى جانب المنظمات الحقوقية الرائدة باعتقال الخواجة وطالبت بالإفراج عنه، لكن حكومة البحرين لم تلتفت لتلك المطالب. نفذ الخواجة العنيد إضراباً عن الطعام كاد أن يودي بحياته، وتسبب في إحراج كبير للحكومة. من داخل السجن، نجح الخواجة في لفت نظر العالم مجدداً إلى البحرين وملفها الحقوقي، وتسبب مجدداً بصداع جديد للحكومة. شكّل إضرابه عن الطعام مادة دسمة لوسائل الإعلام العالمية التي باتت تراقب وضعه الصحي بشكل يومي، وباتت تغطياتها اليومية عامل ضغط كبير على حكومة البحرين، كما أدت إلى الضغط على حكومة الدنمارك، فقامت هي الأخرى بالتحرك بقوة من أجل إنقاذ الخواجة والإفراج عنه بتسوية مع البحرين. التدخلات الدولية استطاعت تخفيف وطأة الظروف القاسية والحالة الانتقامية من الخواجة وهو يقضي حكمه بالسجن مدى الحياة لكنها لم تنجح في تحريره منه.
كانت الدنمارك حينها، قاب قوسين أو أدنى، من التوصل إلى حل يفضي إلى الإفراج عن الخواجة ونفيه للخارج، لكن لسبب ما، غيرت حكومة البحرين رأيها في اللحظات الأخيرة وتمسكت بموقفها في اعتقاله ومعاقبته، راهنت الحكومة على عامل الزمن الذي قد يكون كفيلاً في فقدان الزخم وصولاً إلى نسيان قضيته.
حتى اليوم، المنظمات الحقوقية الدولية بقت وفيّة للخواجة، تنظم حملاتها الإعلامية في عيد ميلاده، ذكرى اعتقاله، وأي مناسبة خاصة بالبحرين. ومن خلال تلك الحملات، تفتح هذه المنظمات مجدداً ملف البحرين الحقوقي عبر التركيز على الانتهاكات القديمة والمستجدة، ما يفتح شهية وسائل الإعلام للحديث عن ملف البحرين والحث على الضغط على الحكومة البحرينية من أجل إجراء إصلاحات حقيقية ذات مغزى.
قبل أسابيع استضافت البحرين مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي، وبدلاً من أن يساهم تنظيم المؤتمرات والفعاليات الدولية في تحسين صورة البحرين، أصبح هذا المؤتمر فرصة جديدة لظهور عبدالهادي الخواجة مجددًا، حين طالب الوفدين الدنماركي والنرويجي بالإفراج عنه. حاول عضو مجلس الشورى المُعين، جمال فخرو، الدفاع عن موقف حكومة البحرين لكنه لم يستطع اقناع أحد، حيث تناقلت وسائل الإعلام مقاطع الفيديو الخاصة بالوفدين الدنماركي والنرويجي، وفتح ملف البحرين الحقوقي مجدداً.
13 عاماً مضت على اعتقال الخواجة، لكن المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية لم تنسه، وهي تُذكّر به وبقضيته، وتطالب بإنهاء اعتقاله التعسفي، المطلب الذي جددت التذكير به مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان، ماري لولور، التي طالبت قبل أسابيع بالإفراج الفوري عنه.
تؤكد رابطة الصحافة البحرينية أن حكومة البحرين ليست مدعوّة لإعادة النظر في ملف عبدالهادي الخواجة، هي فقط مدعوة للتخلص من عقدة الانتقام لديها، مدعوة لمراجعة مشاعر الكراهية التي تكبلها، مدعوة للتصرف كدولة مسؤولة لا دولة مثقلة بالحقد والكراهية والبغضاء.