شبح الرقابة: آراء البحرينيين في تويتر غير مرسلة

رابطة الصحافة البحرينية، لندن، المملكة المتحدة، الإثنين 3 اكتوبر 2022: رغم تراجع حالات الاستهداف الموثقة بحق الصحفيين والنشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا يزال سقف حرية التعبير في البحرين منخفضًا. تعتقد رابطة الصحافة البحرينية أن التراجع في عدد الانتهاكات المسجلة في هذا الشأن، لا يعني بأي حال من الأحوال تبني الحكومة مقاربة جديدة لملف الحريات في البلاد، بل يعود لأسباب أخرى بينها ما يفرضه أصحاب الرأي على أنفسهم من رقابة ذاتية. 

يعمل الصحافيين والنشطاء السياسيون والحقوقيون في البحرين تحت ضغط الاستدعاءات والتحقيق والمساءلة والعقوبات القضائية بعقوبات مغلظة، الأمر الذي فرض عليهم أن يمتنعوا عن التعبير عن الكثير من مواقفهم في قضايا الشأن العام لكونها قد تجلب لهم المتاعب. لا يمكن القول أن سقف حرية التعبير في البحرين ارتفع لمجرد عدم توثيق حالات جديدة من الانتهاكات، في الحقيقة، أصبح لدى البحرينيين ما يحتاجونه من مهارات في التكيف مع سقف حريات منخفض وعقوبات مرهقة لمن يتجاوزها.

في سؤال لأحد الصحافيين البارزين داخل البحرين عن رأيه أجاب “استهداف أصحاب الأراء المعاكسة لاتجاهات الحكومة لم يتراجع أبدا”، مشيرًا إلى استمرار عمليات التحقيق مع النشطاء على الإنترنت. وكشف أن ما لا يقل عن ناشطين اثنين تم استدعاؤهم أخيرا للتحقيق بشأن آرائهم السياسية، إلا أنهم لم يصرحوا بشأن ذلك. مبينا “هم يخشون من أن الإعلان عن التحقيق معهم قد يدفع السلطات الأمنية لمعاقبتهم على نحو أكبر، بإحالة ملفاتهم للقضاء”. 

ورأى الصحافي الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن “جميع الصحافيين والنشطاء يراقبون تدويناتهم على الانترنت ويحاولون أن لا تزعج آراءهم السلطات الرسمية (…) لا أحد يريد أن يذهب للتحقيق أو أن يتعرض للمساءلة، هذه هي الأجواء اليوم في البحرين”. وعما إذا كان يرى أنه من المسموح مناقشة قضايا الانتخابات التشريعية المقبلة يجيب “هذا الأمر لا يتعلق بالمعارضين فقط، حتى موالوا الحكومة لا يُسمح لهم بالتعبير عن آرائهم (…) أبلغني عدد منهم أنهم لن يشاركوا في الانتخابات، لكنهم يخشون من التصريح بموقفهم”.  

وعن تجربته الخاصة في مراقبة نفسه يقول “الأوضاع الخانقة فرضت علينا أن نبرمج أنفسنا، أعرف عند أي حد يجب أن أتوقف”. 

ويتابع “الكثير يكتبون تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مثلا، لكن يقومون بمسحها قبل نشرها، وآخرون يحتفظون بها في التغريدات غير المرسلة، وهذا يعطيك انطباعًا عن حقيقة الأوضاع”.

الخوف في البحرين هو من يتحكم فيما يُقال وما لا يُقال تلقائيا، وهذا من أكبر الأخطار التي تهدد حرية التعبير. إن انخفاض سقف الحريات كبير، وهو ما دفع مؤخراً، مُقربين للحكومة إلى الدعوة لإفساح المجال للتعبير عن الآراء بحرية. إن تعبير قريبين من الحكومة عن سخطهم يعطي مؤشرًا واضحًا على مدى السوء الذي وصلت له الأوضاع في البلاد.  فبعد أن عبّر رئيس تحرير صحيفة أخبار الخليج، أنور عبدالرحمن، عن امتعاضه من المضايقات المستمرة وتقلص هامش الحرية للحضيض، تبنّت الكاتبة في صحيفة الوطن سوسن الشاعر موقفًا مقاربًا. 

تقول الشاعر إن ما ينشر في الصحافة المحلية هو “عبارة عن رأي السلطة التنفيذية مصاغ ومرسل عبر مركز الاتصال الوطني، وما على الصحيفة إلا نقله حرفياً، إنها خطوة لا تتسق أبداً مع تاريخ البحرين (…) أعادتنا إلى أكثر من مائة سنة إلى الوراء”. وأَضافت الشاعر “حرية الإعلام ليست بأن تنزع بند حبس الصحافي من القانون، حرية الإعلام بأن تترك الإعلامي (…) يعبر عن رأيه”.

ويرأس عبدالرحمن صحيفة قريبة من رئيس الوزراء السابق الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، فيما تكتب الشاعر مقالًا يوميًا في صحيفة الوطن المقربة من الديوان الملكي. 

تحتاج الحكومة إلى أن تتبنى مقاربة جديد بشأن حرية التعبير عن الرأي، من شأنها إفساح المجال  أمام الجميع للتصريح بآرائهم دون مواربة أو خوف. هذه الأجواء المشحونة لا تليق بدولة تدعي تقديمها تجربة فريدة في الانفتاح السياسي وضمان الحريات العامة والخاصة لمواطنيها. 

زر الذهاب إلى الأعلى