السلطات البحرينية تتسلح بـ “كورونا” لتبرير انتهاكاتها تجاه الشيعة في عاشوراء
رابطة الصحافة البحرينية، 23 اغسطس/آب 2021، لندن: وثقت رابطة الصحافة البحرينية انتهاكات تعرض لها مواطنون شيعة خلال إحيائهم لمراسم عاشوراء لهذا العام 2021م/1443ه في البحرين . وتذرعت الجهات الحكومية بجائحة كورونا لتبرير انتهاكاتها التي تعد استمرارًا لإستهداف ممنهج لحرية الرأي والتعبير والحريات الدينية في البحرين منذ مطلع عام 2011 وبدء الأزمة السياسية والأمنية في البلاد. وتنوعت الانتهاكات المرصودة بين استدعاءات لمُشاركين وخطباء دينيين ومشاركين في مراسم العزاء في المجالس العاشورائية والتحقيق معهم، وتوقيف كل من الرادود صالح سهوان ومحمود القلاف، وإزالة الرايات الحسينية عن شرفات المنازل، ومنع السجناء من ممارسة شعائرهم الدينية، بالإضافة لحصر بعض المجالس بثلاثين مشارك في مجمعات مغلقة.
استدعاءات غير مبررة
طالت الاستدعاءات المشاركين والقائمين على العديد من المآتم، حيث قامت وزارة الداخلية بتوقيف رئيس هيئة مواكب الدير فيصل المؤمن، ورئيس مأتم الإمام علي في منطقة الدير، الحاج علي فاضل حماد لتفرج عنهم لاحقًا. واستدعت السلطات الأمنية إدارة مأتم المقشع إلى مركز البديع والزمهتم بحصر العزاء المركزي وعدم السماح للمواكب بالتجول في الشوارع كما جرت العادة. كما وثقت “شبكة رصد” ايقاف كل من الراوديد «محمود القلاف – صالح سهوان -حسن نوروز- الشيخين عبدالمحسن الجمري – محمد الرياش- الشابين علي منصور الملاح – محمد مهدي ضيف» ليتم الإفراج عنهم في وقت لاحق.بالإضافة لإستدعاء مواطنين شيعة وإلزامهم بإزالة الرايات العاشورائية وتسليمها لمركز الشرطة مع استثناء المنازل المحيطة بالمآتم والحسينيات. كما استدعي حوالي 50 مواطناً من الأغلبية الشيعية لمركز شرطة مدينة حمد (دوار 17) للتحقيق على خلفية مشاركتهم في موكب عزاء انطلق في المنطقة في الثالث من محرم، فيما أكدت رئيسة الرصد بمنظمة “سلام” بأن “التحقيق مع المواطنين قد تم من دون حضور محام معهم.
كورونا ذريعة لخنق المآتم
استعملت السلطات جائحة كورونا للضغط على إدارات المآتم فمنعت المواكب المركزية من الانطلاق في الشوارع، وحصرها تطبيق الشعائر في الأماكن المغلقة ومحيطها. وقد اكد ناشطون أن الأجهزة الأمنية أجرت اتصالات مباشرة برؤساء مآتم منطقة المصلى وسلماباد وقامت بتهديدهم باتخاذ إجراءات قانونية بحقهم في حال إصرارهم على تسيير المواكب العزائية، كذلك أقدمت على منع مأتم كرزكان من الخروج في موكب عزائي. وقامت قوات تابعة للداخلية بنصب نقطة تفتيش بالقرب من مأتم جبلة حبشي. وتداولت مواقع التواصل الإجتماعي مقطعًا مصورًا لأطفال يستنكرون عدم السماح لهم بدخول المآتم رغم أن مراكز الترفيه كالحدائق والمجمعات التجارية تسمح بذلك.كما أصدر الفريق الطبي قرارًا بالانتقال إلى المرحلة البرتقالية فقط في يومي تاسع وعاشر محرم، ما يعني اقتصار الحضور في المآتم على 30 شخصاً فقط، على أن تعود البلاد إلى المرحلة الصفراء بعد يوم العاشر.
استفزاز متعمد للمشاركين بالمآتم
عمدت عناصر أمنية مدنية برفقة سيارات تابعة للبلديات إلى نزع الرايات الحسينية منذ اليوم الأول لموسم عاشوراء في مناطق المصلى، رأس الرمان، والماحوز وفق ما ذكر نشطاء.وقامت وزارة الداخلية بتسيير مركبات لقوات تابعة لها بلباس مدني داخل القرى الشيعية، مهمتها مراقبة المعزين وتصويرهم. في بعض الأحيان، تم ايقاف المشاركين وطلب هوياتهم. وتم توثيق تواجدهم في شوارع العاصمة المنامة، المالكية، مقابة، سماهيج، باربار بالقرب من مأتم الشويخ تحديداً، وكان لمنطقة السنابس النصيب الأكبر من المضايقات حيث تم توقيف العشرات من المشاركين في مواكب العزاء وأخذ صور من هوياتهم الشخصية دون توضيح، قبل أن تعاود السماح لهم بالمرور، وعرف عن اعتقال 7 على الأقل خلال وقت متأخر من الليل بواسطة سيارات مدنية، وفق ما نشرته صحيفة “مرآة البحرين” (الجمعة 13 اغسطس 2021).
إنتشار أمني وعسكري مكثف في المناطق
استخدمت الداخلية عشرات المركبات الأمنية (الدوريات) والمدرعات عند مداخل عدد من القرى الشيعية أثناء إقامة المراسم الدينية، وتم توثيق تواجدها عند مداخل وفي شوارع وأزقة العاصمة المنامة، النويدرات، المعامير، عالي، سماهيج وأبوصيبع في 14 أغسطس 2021. وهاجمت السلطات الأمنية موكب عزاء في مدينة حمد وقامت باعتقال اثنين من المعزين، فيما استمرت القوات في الانتشار في محيط بعض المآتم في السابع من محرم. كما استدعت الداخلية حافلة نقل شرطة، للتمركز عند مأتم سلماباد إلى جانب الانتشار المكثف للقوات المدنية المسلحة في المنطقة لمنع المشاركين من الخروج في موكب العزاء ضمن مساره المعتاد، بالإضافة إلى منع دخول القادمين من خارج المنطقة، وتسجيل أرقام لوحات سياراتهم وتصوير هوياتهم.هذا وذكرت جمعية الوفاق أن الداخلية منعت خروج موكب عزاء مأتم بن سلوم (الموكب الأكبر للطائفة) في العاصمة المنامة.
الاستهداف الطائفي يعمق الأزمة
السلطات الحكومية المعنية بهذه الانتهاكات التي تعرض لها المشاركون والقائمون على المآتم ومواكب العزاء بررتها بكونها تصرفات فردية، وأكدت على رغبتها بإنجاح موسم عاشوراء، إلا أن سلوكيات الأجهزة الأمنية أظهرت بشكل جلي إنعدام الجدية في تحقيق هذه المساعي، والتهاون مع ما سمته الجهات المسؤولة بتصرفات فردية، ما يؤكد أن هذه الانتهاكات هي ضمن سلوك ممنهج تعتمده السلطات منذ العام 2011، والهدف منه تضييق الخناق على المواطنين الشيعة في البحرين وكل مظاهر وجودهم، وهو ما يعيد إلى الواجهة الأزمة التي سعت جميع الأطراف إلى تجاوزها، كما أنه يحبط الجهود التي تدعي السلطة بذلها من أجل طي صفحة الماضي.