نبيل رجب: كل ما في الأمر… «تويتر»!

حتى مطلع يونيو/ حزيران 2012، كان هناك اعتقاد سائد، أن رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب، محمي بـ«فيتو» غربي، أو أن جهة ما صاحبة «فيتو» ما على حكومة البحرين تحول دون اعتقاله. وتجري الإشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية. لكن ليس بعد تاريخ 6 من الشهر نفسه يونيو/ حزيران. فقد اعتقلته السلطات بتهمة «إهانة أهالي المحرّق»، في إثر تغريدة له على حسابه في «تويتر» انتقد فيها رئيس الوزراء، ومذّاك، يقبع رازحاً في الأغلال.

لقد نأت السلطة بنفسها، طيلة عام ونصف، عن التورّط في اعتقال رجب، الحقوقي، الذي يشغل منصبين مرموقين في منظمتين دوليتين شهيرتين، هيومان رايتس ووتش، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والذي يشكل «تويتر» إحدى أهم المنصّات التي يبث عبرها أفكاره التي تركز على الإصلاح واحترام حقوق الإنسان، حيث يستقطب حوالي 190 ألف متابع.

وحتى في فترة السلامة الوطنية، التي أعقبت استيلاء الجيش على دوّار اللؤلؤة، وشهدت أسوأ الانتهاكات لحقوق الإنسان، في واحدة من أكبر الحملات الأمنية في تاريخ البحرين، ظلّ اقتراب السلطة من رجب هامشيّاً.

لقد تمّ الاعتداء عليه أكثر من مرّة من واسطة عناصر للأمن، كما هوجم بيته بقنابل الغاز المسيل للدموع، واستجوب لساعات، عدداً من المرّات، لكن ليس أبعد من ذلك.

ففي 20 مارس/ آذار 2011، صرّح رجب بأن عناصر تابعة لوزارة الداخلية البحرينية اعتقلته من بيته وضربته وعصبت عينيه وقادته للتحقيق في مكتب لوزارة الداخلية لساعتين. وفي 21 مايو/ أيار 2011  تعرض منزله لهجوم بقنابل مسيلة للدموع. في 6 يناير/ كانون الثاني 2012 تعرض للضرب أثناء مشاركته في مسيرة في المنامة، لكن وزارة الداخلية البحرينية نفت مسؤليتها عن الحادثة. في 1 أبريل/ نيسان 2012 استجوب لساعات عن مشاركته في احتجاجات معارِضة للحكومة ودعوته الآخرين للانضمام إليها.  ثم استجوب مجدداً في 26 أبريل/ نيسان بشأن «إهانة الهيئات النظامية».

وإزاء كل ذلك، كان بإمكان رؤية ردود فعل غربيّة واضحة. بل أن الصحف المحلية تحدثت غير مرة عن زيارة ممثلين للسفارة الأميركية له في بيته، بعد تعرّضه لواحدة من هذه الحوادث.

في شهر مايو/ أيار، كان رجب ضيفاً على  جوليان أسانج، صاحب «ويكيليكس»، والمسئول عن تسريب مئات الآلاف من الوثائق السرية المتعلقة بخفايا وأسرار السياسة الأميركية ما وراء البحار، حيث وافق على الظهور معه في لقاء ضمن برنامج «عالم الغد» الذي كان يبثه بالتعاون مع قناة «روسيا اليوم»، وحاور فيه عشر شخصيات عالمية قال إن «أقوالها ونظرياتها تصنع المستقبل». لم يقل رجب أي جديد خلاف ما يقوله باستمرار من خلال أحاديثه وتصريحاته، ولكن مذاك، تغيّرت الحسابات.

فقد اعتقل رجب حال عودته إلى مطار البحرين مايو/ أيار 2012.

هذا تفسير رائج لانقلاب الصورة، وما يعتقد البعض أنه «السر» الذي يكمن وراء ردّة الفعل الباردة التي قابلت بها الإدارة الأميركية عملية اعتقاله.

ورغم أنه مكث في السجن حوالي الأسبوعين، إلا أن السلطات عادت وأفرجت عنه. لكن الرسالة كانت واضحة. وقد همس بذلك رجب نفسه إلى محاميه، لدى زيارته في السجن، حول وجود ضوء أخضر غطّى عملية اعتقاله، كما نقل مقرّبون منه.

وكانت هذه آخر مرّة يرى فيها النور. حيث لم تمض ثلاثة أسابيع، حتى وجد رجب نفسه بين جدران السجن مرّة أخرى، ولكن هذه المرّة، بلا نهاية… حتى الآن.

فقد نال حكماً بالسجن 3 سنوات، جرى تخفيضها لاحقاً إلى سنتين، بعد أن وجّهت له تهم تتعلق بـ«المشاركته في مظاهرات غير مرخصة» و«دعوته عبر شبكات التواصل الاجتماعي الى المشاركة في مظاهرات بالمنامة».

تعقيباً على هذا الحكم، صرّح القاضي الدولي محمود شريف بسيوني الذي أشرف على تحقيق رسمي بشأن أحداث فبراير/ شباط ومارس/ آذار، امتدح فيه بشدّة مركز البحرين لحقوق الإنسان الذي يترأسه رجب، وأشار إلى أنه زوّده بآلاف الوثائق، قائلاً بأن «إدانة نبيل رجب تدلل على نمط من استمرار الملاحقة القانونية للأشخاص؛ لا لشيء إلا لممارسة حقوق يحميها القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو ما وعد الملك حمد بإنهائه». وكل ذلك من أجل تغريدات في «تويتر».

زر الذهاب إلى الأعلى