علي عبدالإمام: صانع حيّز الكلام في الظلام
في العام 1999 أسس المدون علي عبدالإمام (35 عاماً) «ملتقى البحرين» الحواري على شبكة الإنترنت، أكثر المنتديات البحرينية تسييساً وشعبية، المعروف أيضاً تحت اسم «بحرين أونلاين». وبعد أحد عشر عاماً من ذلك، دفع الضريبة. فقد قضت محكمة عسكرية بسجنه 15 عاماً فيما قالت إنها «مؤامرة لقلب نظام الحكم». وهي القضية التي عرفت بمجموعة «21» التي ضمت أيضاً قيادات المعارضة التي تصدرت حراك 14 فبراير/ شباط 2011.
لحسن الحظ، أنه لم يسلّم بالمقادير، اختفى نهائياً، فجنّب بذلك نفسه، لغاية الآن، الاعتقال والعيش تحت سطوة الغرف المظلمة. لكن حتى الآن، وبعد مرور 20 شهراً منذ تواريه عن الأنظار، ظلّ مصيره مجهولاً. فيما تقول عائلته إنها لا تعرف عنه أي شيء منذ مارس/ آذار 2011، لغاية الساعة.
وقد أطلقت منظمة «مراسلون بلا حدود» و«جلوبال فوزيسس» هذا العام 2012، في مناسبة مرور عام على اختفائه، نداءات طالبت فيها بـ«جلاء مصيره». كما قاد رفاقه ومنظمات دولية أخرى حملات رمزية عدّة رفعت المضمون نفسه.
لقد ساهم عبدالإمام، وهو من أوائل المدونين وصاحب مدوّنة أيضاً تحمل اسمه، في تهيئة فضاء للكلام العام، والجدل الديمقراطي الحر، حول أمور الشأن العام، في وقت لم تكن قد اخترعت وسائل التواصل الاجتماعي بعد.
ويمكن الزعم، إن كثرة من الجيل الشبابي الذي شكّل الشريحة الأكبر من الجمهور الذي انخرط في حراك 14 فبراير/ شباط، قد جرت عملية «تشفيره» سياسياً من واسطة الملتقى الذي أسسه.
وقد وصف البروفيسور في جامعة كاليفورنيا، فيليب سيب، في كتاب، الدور الذي يضطلع به ملتقى «بحرين أونلاين» بالقول إنه «مصدر للأخبار السياسية في ظل غياب الحريات».
حين اندلعت شرارة 14 فبراير/ شباط، لم يكن عبدالإمام واحداً من الآلاف الذين صنعوا هذا الحدث.
فقبل أشهر منه، في سبتمبر/ أيلول 2010، كان عبدالإمام يهمّ بمغادرة مطار البحرين، حين تقدم نحوه عناصر من جهاز الأمن الوطني وباشروا اعتقاله. ثم بعد أيام جرى إلصاق به تهمة «الانضمام لشبكة إرهابية تهدف لقلب نظام الحكم». كما فصل جرّاء ذلك، من وظيفته في «طيران الخليج»، الناقلة الوطنية، التي عمل فيها لسنوات تجاوز 15 سنة.
وقد ظلّ سجيناً لأشهر، إلى أن أفرج عنه، في سياق المحادثات التي جرت بين ولي العهد والمعارضة التي كانت تستهدف إيجاد أرضية للحوار بعد أيام من اندلاع شرارة الأحداث فبراير/ شباط 2011.
لم يشهد عبدالإمام، اللحظات الأولى للأحداث، لكنّ منتداه كان ملعبها، والفضاء الرئيس الذي جرى فيه التحشيد لها. ولدى خروجه من السجن، كان أوّل مكان طلب أن يؤخذ إليه، هو «دوار اللؤلؤة».
كانت هذه هي تجربته الثانية مع السجن، حيث اعتقل أيضاً في فبراير/ شباط 2005، واثنين من زملائه المسئولين عن الموقع الذي يستقطب يومياً آلاف الزوار، بزعم «نشر أخبار كاذبة».
ما يزال علي عبدالإمام متوارياً في الظلام، وإن أحداً لا يعلم عنه شيء، ولا أيّ شيء. فيما تزداد يوماً بعد يوم، النداءات المطالبة بالكشف عن مصيره.