حكومة ولي العهد: بوابة الاصلاحات المُنتظرة هي مُبادرات سريعة وجريئة
رابطة الصحافة البحرينية، لندن (المملكة المتحدة)، 2 مارس/آذار 2021: عشر سنوات مرت على اندلاع الاحتجاجات الواسعة في البحرين، احتجاجات خلفت وراءها كارثة حقوقية وانسانية طالت فئات واسعة من البحرينيين. السياسات الحكومية العنيفة في البلاد كان لها تداعيات مؤسفة راح ضحيتها عشرات المواطنين، كما وأودعت الأجهزة الأمنية والقضائية الآف المناهضين السياسيين في السجون، كما وتسببت سياسات الملاحقة في هجرة المئات من الناشطين السياسيين والحقوقيين والصحفيين المناهضين للحكومة خوفًا من أن يلقوا المصير ذاته.
سياسات الملاحقة والتخويف
سياسة الحكومة البحرينية القامعة لحرية الرأي والتعبير تمثلت عبر عدد من الآليات، من أبرزها:
أولًا: اعتقال عشرات الصحفيين والمدونين المناهضين والمنتقدين لسياسات الدولة، كما قتل المدون زكريا العشيري والناشر كريم فخراوي أثناء تواجدهم في السجن، وقُتل المصور أحمد إسماعيل بعد تعرضه لإطلاق نار أثناء تغطيته لمظاهرة في منطقة سلماباد.
ثانيًا: إغلاق الصحيفة المستقلة الوحيدة في البلاد (صحيفة الوسط) في يونيو 2017 بعد سلسلة طويلة من الاجراءات العقابية غير القانونية والاستهداف المُنظم.
ثالثًا: إلغاء تراخيص صحفيين ومصورين لوكالات أنباء ومؤسسات إعلامية أجنبية كما حدث مع مراسلة مونتي كارلو الدولية وفرنس 24 نزيهة سعيد، مصور وكالة الأنباء الفرنسية محمد الشيخ، ومصور وكالة أسوشيتد برس حسن جمالي. كما ومنعت السلطات دخول أي صحفي أجنبي للبلاد (آخرهم مراسل وكالة الأناضول في يونيو 2019 والصحفي البريطاني ماثيو كاسل في نوفمبر 2019).
رابعًا: انتقلت السلطات لمستوى جديد ومثير للقلق من قمع الحريات تمثل في ملاحقة ومعاقبة أي مواطن يوجه أي انتقاد لأي مؤسسة رسمية. لاحقت السلطات الأمنية والقضائية وعاقبت العديد من النشطاء لأسباب مختلفة (غير سياسية)، كما حدث مع المحامي محمد البنعلي (مايو 2020) الذي احتجز لأسبوعين بسبب انتقاده إجراءات الدولة في مكافحة فيروس كورونا، الناشط عارف الملا الذي تم التحقيق معه (ديسمبر 2019) بسبب زعمه أن عدادات الكهرباء الإلكترونية الجديدة غير دقيقة، التحقيق مع عبدالله السهلي ومحاكمته (نوفمبر 2019) لأنه انتقد رئيس ديوان الخدمة المدنية، التحقيق مع محمد حسن العرادي (نوفمبر 2019) بسبب انتقاده عدم شفافية وزارة التربية في توزيع البعثات، تهديد صحف رسمية كما حدث مع صحيفة الأيام التي تعرضت لتهديد علني (يوليو 2019) بعد نشرها استطلاعاً يبين عدم الرضا عن أداء وزير الرياضة أيمن المؤيد.
معظم هذه القضايا، كانت إدارة الجرائم الإلكترونية هي الجهة التي تلاحق المواطنين وتقوم برصد كل منشوراتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، لتقرر التحقيق معهم، ولاحقاً إحالتهم للنيابة بعد توجيه التهم لهم بشكل رسمي.
حكومة ولي العهد والانتظارات الكبيرة
انتهجت البحرين بعد عام 2011 نهجًا بوليسيًا ضربت خلاله أحكام الدستور والقوانين المحلية عرض الحائط، ولم تعر الحكومة أي أهمية للقوانين والالتزامات الدولية التي تتناول الجانب المتعلق بضمان حرية الرأي والتعبير، في ظل غياب تام لأي معارضة حقيقية حيث يتواجد القادة السياسيون إما في السجون أو المنافي، فيما يلتزم من تبقى منهم الصمت خشية التعرض للاعتقال التعسفي والمحاكمات القضائية التي غالبًا ما تكون أحكامها متعسفة.
الحكومة الجديدة برئاسة ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة مدعوة للتجاوب مع المطالب المحقة والمشروعة في العودة بحرية الرأي والتعبير في البلاد، وما يتصل بضمان حق المواطنين في التعبير عن آرائهم حيال شؤون الحياة السياسية والعامة في بلدهم.
وفيما تأتي تصريحات ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء قبل أيام التي أكد فيها على “مواصلة تطوير النظام القانوني وتعزيز العدالة والحريات الفردية ومنظومة حقوق الإنسان”، وبما يشمل “التوسع في برنامج العقوبات البديلة وتبني برنامج لمراكز الإصلاح والسجون المفتوحة لحماية النسيج الاجتماعي والتوجه إلى تجاوز أسلوب الاعتماد على الاعتراف أمام المحكمة والاعتماد بدلاً عن ذلك على الأدلة المادية” كبارقة أمل وتعهد جديد من جانب الحكومة البحرينية بالشروع في اصلاحات سياسية وحقوقية جادة، تبقى الاجراءات الفعلية والجريئة على الأرض ما ينتظرهُ البحرينيون عبر الشروع في تقديم مبادرات حكومية حقيقية وعاجلة في سبيل الوفاء لهذه الالتزامات والعودة بالمناخين السياسي والحقوقي إلى المسار الذي يضمن ويوسع من الحريات السياسية والصحافية في البلاد، وهو ما يتصل وبشكل مباشر في الإفراج الفوري عن المحكومين في القضايا المتصلة بحرية الرأي والتعبير وإعادة الجنسية البحرينية للصحافيين الذين اسقطت السلطات جنسياتهم البحرينية خلاف أحكام الدستور والقانون.