رابطة الصحافة البحرينية: مشروع قانون الصحافة الجديد “جريمة” في حق البحرين والصحافيين وعلى الحكومة ايقافه

 لندن- رابطة الصحافة البحرينية – 8 نوفمبر 2019م: تؤكد رابطة الصحافة البحرينية إنها وبعد الاطلاع على مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد في البحرين، أن القانون يؤسس إلى الاجهاز على حرية الرأي والتعبير والحريات الصحافية بالكامل؛ وبما يتجاوز مستوى الحريات الصحافية في البحرين قبل المشروع الإصلاحي، والعمل بدستور البلاد.

وتحذر الرابطة من إقرار هذا القانون الذي هو جريمة مكتملة الأركان ومخيب للآمال، خصوصاً وأن كثيراً من مواد القانون تحتوي على تقييد صارخ لحرية الصحافة كما وتضغ وسائل النشر تحت نيران الحكومة، والصحافيين أمام عقوبات مغلظة ترتبط بقانوني العقوبات والإرهاب؛ معاً.

وكان مجلس الوزراء قد بدء في جلسته الأسبوعية الأحد (27 أكتوبر/ تشرين الأول 2019) بحث مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام على أن يحال الى مجلس النواب بعد اقراره.

وتنص نحو 25% من مواد القانون الجديد، الذي جاء في 85 مادة، على عقوبات محتملة سيواجهها الصحافيون أو المؤسسات التي يعملون بها. وخصص القانون نحو 20 مادة لتنظيم المحاكمات والعقوبات التي تبدأ بالغرامات المالية الكبيرة وتنتهي بسجن الصحافيين. يأتي ذلك في توقيت حرج مارست فيه الدولة منذ 2011م سياسات استهداف ممنهجة للحريات الصحافية وحرية الرأي والتعبير في البلاد.

 

حبس الصحافيين

ورغم أن القانون ينص في المادة (80) على “عدم جواز حبس الصحافي احتياطيا”، إلا أن السماح بمحاكمة الصحافيين وفقا لقوانين أخرى نافذة في البلاد، ومنها قانون العقوبات والارهاب، يعني أن القانون ينص بشكل غير مباشر على إمكانية سجن الصحافيين. وبينما تُخضع المادة (68) الصحافيين للمحاسبة وفقا لقانون العقوبات، تشير المادة (67) إلى معاقبة الصحافيين «مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد من أي قانون آخر»، إن الإحالات على هذه القوانين تؤكد التوجه نحو تغليظ العقوبات في قضايا النشر.

هذا وتعبّر رابطة الصحافة البحرينية عن رفضها لهذه المواد واحالة الصحفيين إلى أي عقوبات أخرى خارج اطار قانون الصحافة، كما أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال سجن الصحافيين. وترى الرابطة أن التشدد في العقوبات في هذا المشروع يُظهر أن الحكومة لا تحمل أي تسامح مع حرية الرأي والتعبير، وأنها مستمرة في مشروع تطويق حرية الرأي والتعبير والإجهاز عليها.

كما تشير الرابطة إلى رفضها تضمين القانون ما يفهم على أنه تقنين لفصل الصحافيين من أعمالهم. ورأت الرابطة أن المادة العاشرة من القانون تضع إطارًا كاملًا لعملية الفصل. وتنظم المادة إجراءات فصل الصحافي التي تبدأ بالتحقيق معه وتنتهي بفصله بعد استنفاذ محاولة التوفيق بينه وبين المؤسسة الإعلامية التي يعمل بها.

 

حرية الصحافة

وتؤكد الرابطة إنه وفي الوقت الذي يؤكد فيه القانون على حرية الصحافة إلا أن مواده تقيّدها بالعديد من العبارات الفضفاضة التي يمكن لها أن تحمل تفسيرات متعددة. كما أن هناك الكثير من البنود التي قد تعرض الصحافي للمساءلة. وتحدد المواد (64)، (65)، (66)، (67)، (68) نحو 19 بندًا تمثّل محظورات يمكن أن يُعرّض انتهاكها الصحافيين للمحاسبة الشديدة. وتمت صياغة تلك البنود بحيث يمكن تكييفها بسهولة لتشكيل لائحة إدعاء ضد الصحافيين.

ومن بين تلك البنود توقيع غرامات مالية كبيرة على الصحافيين في حال نشر أو تداول ما يمثل “عيبا في حق حاكم أو رئيس حكومة دولة عربية أو إسلامية أو أية دولة أخرى تتبادل مع المملكة التمثيل الدبلوماسي”.

وترى الرابطة أن هذا البند يمكن تحويره في أي وقت ضد الصحافيين الذين يناقشون قضايا عربية أو إقليمية أو دولية. وتتساءل: ما معنى العيب في هذا البند وما هي حدوده؟

في الحقيقة، لم تكتف الجهات المعنية بهذا الحد من البنود المقيّدة لحرية الصحافية، بل أشارت المادة الثانية من القانون إلى أن «حرية الصحافة (…) مكفولة وفقا للشروط والاحكام المبينة في هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة عن الوزارة. ولم ترفق الوزارة اللائحة التنفيذية بالقانون، وليس معلوما ما هي التفسيرات التي ستتضمنها هذه اللائحة، وما إذا كانت ستحتوي على المزيد من القيود على حرية الصحافة.

كما حظرت المادة (13) نشر أي مواد تتعارض مع أحكام الدستور أو تخالف الالتزامات الواردة في ميثاق الشرف. ويُعرف القانون في المادة الأولى منه ميثاق الشرف بأنه “مدونات قواعد السلوك المنظمة لأخلاقيات العمل الصحفي أو الإعلامي الصادرة بقرار من الوزير”.

 

حق الحصول على المعلومات

ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لحق الحصول على المعلومات عن حرية الصحافة. فقد أشارت المادة السادسة إلى حق الصحافي في الحصول فقط على المعلومات “المباح نشرها طبقا للقانون من مصادرها”.

ولا تلزم المادة اللاحقة الجهات الحكومية والخاصة إتاحة المعلومات للصحافيين، بل حددت ذلك بـ “توفير معلوماتها وإحصاءاتها وأخبارها المتاحة، والتي لا يشكل نشرها أو الحصول عليها مخالفة للقانون أو إخلالا بمقتضيات النظام العام”.

وترى الرابطة إن مثل هذه الصياغات تنص فعلا على الحقوق الصحافية، لكنها تضع في نفس الوقت المخارج القانونية لانتهاكها وتقييدها.

 

حجب أو غلق المؤسسات الصحافية

أتاح مشروع القانون إغلاق أو حجب الصحف والمواقع الإلكترونية في 4 مواقع، ولم يقتصر ذلك على الأحكام القضائية فقط، بل أعطى القانون الحق للجهة المختصة (وزارة الإعلام) في حجب المواقع الإلكترونية أيضًا.

وتنص المادة (62) على حق الوزارة في إصدار قرار “بغلق المؤسسة الإعلامية مدة لا تجاوز ثلاثين يوما”، كما تنص المواد (57) (58) (70) على أنه يجوز للمحاكم حجب الصحف والمواقع الإلكترونية لمدة قد تصل لعام كامل.

ورأت الرابطة أنه ليس من حق الوزارة في جميع الأحوال حجب الصحف أو المواقع الإلكترونية، داعية إلى إلغاء المواد التي تعطي القضاء الحق في حجب الصحف، إلا عند ارتكاب جرائم جنائية كبيرة.

كما وتؤكد الرابطة أن وزارة الإعلام وعلى مدى السنوات الماضية لم تكن الجهة المؤتمنة أو التي يمكن الوثوق بها في التعامل مع الصحف أو منحها حق اغلاق الصحف. خصوصاً وأن الوزارة أصدرت قوانين مخالفة للقانون، من أهمها قرار ايقاف صحيفة الوسط (يونيو 2017) لأسباب “سياسية” صرفة ودون حكم قضائي

 

الرقابة على الإنترنت

وتستغرب الرابطة من تطبيق مواد مشروع القانون على المواقع والوسائل الإعلامية الإلكترونية. حيث تنص المادة (٤١) على أن أحكام القانون تسري على “دور النشر الإلكتروني، الصحف الإلكترونية التي ليس لها أصل مطبوع، مواقع ومنصات وحسابات الخدمات الإخبارية، مواقع ومنصات البث المباشر والصوتي الإلكتروني، المواقع الإلكترونية للصحف الورقية، المصنفات والمواد المرئية والمسموعة، والمواقع الإلكترونية أو القنوات أو المنصات أو البرامج الإلكترونية التي تستخدم للأنشطة المنظمة ضمن هذا القانون”.

ويُلزم القانون المواقع الإلكترونية الاحتفاظ بكل ما تم نشره وتقديم المادة المحفوظة للوزارة عند طلبها.

وترى الرابطة أن إقحام المنصات والحسابات الإخبارية وغيرها في هذا القانون يكشف عن رغبة حكومية في السيطرة على الفضاء العام. إذ يبدو أن الحكومة تريد أن تحكم قبضتها على كل ما يكتب أو يبث عبر الإنترنت.

 

السينما والإعلام المرئي

كما خصص القانون فقرات خاصة للرقابة على أعمال السينما. ونصت المادة (36) على تشكيل لجنة في الوزارة تسمى “لجنة مراقبة الأفلام السينمائية والمطبوعات المسجلة”.

وأعطى القانون اللجنة صلاحيات واسعة في الرقابة على الأفلام ومن بينها الحق في حذف ما وصفته “المشاهد التي ترى فيها إخلالا بمقومات الدولة أو المجتمع أو الدين أو الأخلاق والآداب”. ويعطي القانون الوزارة الحق في “أن تصدر إلى أصحاب دور السينما أو المسؤولين عن إدارتها التعليمات والتوجيهات التي تستهدف الحفاظ على مستوى البرامج السينمائية دينيا وقوميا وخلقيا وفنيا ورعاية الآداب العامة”.

وفي هذا السياق، ترفض رابطة الصحافة البحرينية مد الرقابة الحكومية لتشمل عمل دور العرض، كما عبّرت عن استغرابها من تجاهل الحكومة وضع قانون يسمح بإشهار القنوات الإعلامية والإذاعات الخاصة.

هذا وتدعو الرابطة الحكومة إلى وقف مشروع القانون وفتح باب النقاش مع مؤسسات المجتمع المدني لصياغة قانون يصون الحريات ويحمي الصحافيين، مشيرة إلى أن القانون بصيغته الحالية هو مجرد تعزيز لتسلّط الحكومة على العمل الصحافي وتكريس لسياسة ممنهجة تستهدف حرية الرأي والتعبير في البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى