يوليو وأغسطس 2018: غارات الإعلام على بائعي اشتراكات “بي إن سبورت” والحكم على الشيخ العرادي وتغريم الشروقي واستدعاء البنخليل للتحقيق
لندن، المملكة المتحدة/ 30 أغسطس 2018/ رابطة الصحافة البحرينية: وثقت رابطة الصحافة البحرينيّة عدداً من الانتهاكات خلال شهريّ يوليو/ تموز وأغسطس/ آب 2018 الّتي تبين بوضوح المستوى الذي بلغه التنمر الحكومي والقيود التي أصبحت تكبل الحريات الإعلامية وحقوق الرأي والتعبير في البحرين.
وطال التنمّر قنوات الرّياضة مثل “بي إن سبورت” التابعة لشبكة الجزيرة القطريّة؛ حيث شنّت هيئة شئون الإعلام العديد من الغارات على المحال التجارية التي تبيع اشتراكاتها بحجّة أن القناة “متورطة في قضايا مشبوهة مرتبطة بدعم الإرهاب والجماعات المتطرفة“. فيما واصلت الأجهزة الأمنيّة ملاحقة المواطنين وجرجرتهم إلى غرف التحقيق والتوقيف والمحاكم إثر قيامهم بالتعبير عن آرائهم في الشئون العامة.
وشمل ذلك الحكم على رجل الدين الشيخ محمد سعيد العرادي بالسجن 6 أشهر بتهمة “نشر تغريدات مسيئة“، وتغريم المذيع التلفزيوني محمد الشروقي 50 ديناراً بتهمة “إزعاج نائب سابق“، وحبس المواطن محمد خاتم بتهمة “التحريض على كراهية النظام“، واستدعاء رئيس تحرير صحيفة “الوطن” يوسف البنخليل.
إن رابطة الصّحافة البحرينيّة تدين محاولات التحكم في الفضاء الإعلاميّ ـــ بما في ذلك الفضاء الخاص للأفراد وتفضيلاتهم التلفزية ـــ، وتحث السلطات على التخلي عن سياسات الرقابة وتكميم الأفواه الّتي حولت البحرين إلى دولة شمولية وأفقدتها مكتسبات كثيرة. وترى أن مواصلة إصدار الأحكام بحق المواطنين في تهم كيديّة بعد قيامهم بالتعبير عن آرائهم انتهاك صارخ لقوانين البلاد ودستورها الذي نصّ صراحة في المادة (23) على أن “حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما“. وفيما يلي التفاصيل:
حملة على المحلات التجارية التي تبيع اشتراكات “بي إن سبورت“
شنت وزارة وزارة شؤون الإعلام البحرينية حملة واسعة على المحال التجارية التي تقوم ببيع أجهزة استقبال قنوات “بي إن سبورت” التابعة إلى قناة “الجزيرة” والممولة من الحكومة القطرية. وأعلنت الوزارة في بيان (19 يوليو/ تموز 2018) بأنها “مستمرة في تطبيق قرارها الصادر في 13 يونيو/ حزيران 2017، بإيقاف استيراد أجهزة استقبال قنوات «بي إن سبورتس» وإيقاف بيع وتجديد اشتراكاتها“.
وذكرت بأنها “كثفت في الآونة الأخيرة حملاتها التفتيشية على المحال التجارية التي تقوم ببيع أجهزة الاستقبال، للتعامل معها وفقاً للأنظمة والقوانين والتشريعات المعمول بها في مملكة البحرين، سواء أجهزة الاستقبال التابعة لشبكة الجزيرة القطرية، أو أجهزة الاستقبال المشفرة التي تبث بشكل غير قانوني“.
وعللت الوزارة قرارها بالقول إن “قنوات «بي إن سبورت» التابعة لشبكة الجزيرة القطرية، متورطة بشكل فاضح في قضايا مشبوهة مرتبطة بدعم الإرهاب والجماعات المتطرفة والترويج لخطاب الفتنة والكراهية والتطرف في المنطقة، وانحراف القنوات القطرية عن الرسالة الرياضية بهدف تشويه سمعة الدول العربية والإساءة لها“.
استدعاء رئيس تحرير صحيفة “الوطن” يوسف البنخليل
استدعت النيابة العامة إلى التحقيق (14 أغسطس/ آب 2018) رئيس تحرير صحيفة “الوطن“، يوسف البنخليل، إثر شكوى قدمها “بنك الخير“، بعد نشره إعلاناً في الصحيفة اعتبره البنك إساءة له.
وقررت النيابة إخلاء سبيله بضمان محل إقامته. وأنكر رئيس التحرير يوسف البنخليل جميع التهم الموجهة إليه، مؤكداً أن ما نشر “عبارة عن إعلان مدفوع ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية محتواه، وهو ما أثبتته الصحيفة من خلال تنويه نشر لاحقاً عن الإعلان“. وبعد تحقيق استمر لمدة ساعة وجهت النيابة العامة للبنخليل ثلاث تهم، الأولى “جعل البنك محلاً للعقاب والازدراء بطريق النشر في إحدى الصحف“، و“رمي البنك بما يخدش من شرفه واعتباره“، وأخيراً “التحريض على بغض طائفة من الناس هم موظفو ومسؤولو بنك الخير“. وأنكر البنخليل هذه التهم ومسؤولية الصحيفة عما احتواه الإعلان التحريري، مؤكداً أن “الصحف لا تتدخل في محتوى الإعلان المدفوع“.
الحكم على رجل الدين العرادي 6 أشهر بتهمة “نشر تغريدات مسيئة“
حكمت المحكمة الكبرى الجنائية (26 أغسطس/ آب 2018) بالسجن 6 أشهر على رجل الدين الشيعي الشيخ محمد سعيد العرادي بتهمة “نشر تغريدات مسيئة“.
كما أمرت باستبدال العقوبة بعمل اجتماعي (لم تبيّن ماهيته). وكانت السلطات الأمنية قد اعتقلت العرادي في 20 يوليو/ تموز 2018. وقد صرح رئيس نيابة المحافظة الشمالية محمد صلاح إن “النيابة العامة تلقت بلاغاً من إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بشأن قيام أحد الأشخاص (الشيخ محمد سعيد العرادي) بنشر تغريدات مسيئة على حسابه بأحد مواقع التواصل الاجتماعي“. وأضاف بأن “النيابة باشرت التحقيق في الواقعة واستجوبت المتهم الذي أقر بأن الحساب خاص به، وقد واجهته بالتغريدات الثابتة في الحساب وعبارات الإساءة الواردة فيها“. وأمرت النيابة بحبسه سبعة أيام على ذمة التحقيق بعد أن وجهت له تهمة “إهانة رمز موضع تمجيد وتقديس لدى أهل ملة استناداً للمادة 310/2 من قانون العقوبات“. وفي 8 أغسطس/ آب 2018 قررت المحكمة الصغرى الجنائية التي تنظر في الدعوى الإفراج عنه مع حجز القضية حتى جلسة يوم 26 أغسطس/ آب؛ وذلك لإصدار حكمها النهائي فيها. وأنكر العرادي ما نسب إليه وبرر كتاباته بأنها “ليست سوى مناقشة لأبحاث علمية تطرق إليها بالنشر عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» لا أكثر من ذلك؛ وذلك بعد مرور شهر كامل على توقيفه في الحبس الاحتياطي“.
تغريم المذيع محمد الشروقي 50 ديناراً بتهمة إزعاج نائب سابق
قررت المحكمة الكبرى الجنائية (بصفتها الاستئنافية) تغريم المذيع محمد الشروقي (28 أغسطس/ آب 2018) 50 ديناراً بتهمة “التسبب عمدا في إزعاج المجني عليه (النائب السابق محمد خالد عضو جمعية المنبر الإسلامي) بأن أساء استعمال وسائل المواصلات والاتصالات العامة“. كما برأته مما نسب إليه بواقعة “رمي المجني عليه علناً بما يخدش من شرفه واعتباره، بأن وجه إليه الألفاظ المبينة بالأوراق“. وكانت محكمة أول درجة قد قضت بحبسه لمدة 3 أشهر عن التهمتين المذكورتين، فيما اكتفت المحكمة الاستئنافية بغرامة مالية مقدارها 50 دينارا عن تهمة الإزعاج الذي تسبب به بحق النائب السابق. ورفض قاضي تنفيذ العقاب طلب استبدال العقوبة الذي تقدم به وكيل الإعلامي المستأنف.
حبس محمد خاتم بتهمة ” التحريض على كراهية النظام”
أمرت النيابة العامة البحرينية (29 أغسطس/ آب 2018) بحبس المواطن البحريني محمد خاتم أسبوعا على ذمة التحقيق بعد أن وجهت له تهمة “التحريض على كراهية النظام“. وكان خاتم قد اعتقل في 27 من الشهر نفسه بعد احتجاجه أمام دار الحكومة القديم في العاصمة المنامة للمطالبة بإرجاعه لعمله الذي فصل منه قبل أكثر من 5 سنوات. وأمام مبنى الحكومة السابق رفع خاتم لافتة كتب عليها “أنا مواطن بحريني لا أملك قوت نفسي ولا قوت زوجتي وعيالي، أين أذهب يا ملك البلاد؟“. كما بث تسجيلا مصورا طالب فيه الحكومة بإعادته إلى عمله. هذا وقد أفرج عن خاتم في 4 سبتمبر/ أيلول بعد تدهور صحته ونقله إلى مستشفى السلمانية.
إن رابطة الصحافة البحرينية تدين استهداف الصحفيين والمدونين والمصورين الذي ترى أنه أصبح سلوكاً ممنهجاً وشائعاً، وهو من أهم الأسباب التي أدت إلى تراجع سمعة البحرين على المستوى الدولي في ما يتعلق بحرية الإعلام. وتطالب الرابطة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وكافة المنظمات والهيئات الدولية المعنية بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والإعلام للتدخل العاجل وممارسة الضغط على الحكومة البحرينية من أجل:
ــــ الإفراج الفوري دون قيد أو شرط عن جميع المصورين والإعلاميين والنشطاء المحتجزين بسبب مزاولتهم عملهم في تغطية الاحتجاجات أو ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير.
ــــ إيقاف الملاحقات والاعتقالات التعسفية والمحاكمات القضائية بتهم “إهانة الملك” و“بث بيانات كاذبة” لنشطاء الإنترنت والإعلاميين وتهمة “التجمهر” للمصورين و“التحريض على كراهية النظام” للسياسيين، وكل ما يتصل بالحد من حرية الرأي والتعبير في البلاد.
ــــ فتح الحريات الإعلامية والصحافية في البلاد وإغلاق مكتب الرقابة على الإنترنت في وزارة الاتصالات والغاء العمل بقانون رقم (47) لتنظيم الصحافة والنشر والطباعة في البلاد.
ــــ إنهاء احتكار السلطة للإعلام التلفزيوني والإذاعي والمكتوب وفتح وسائل الإعلام للرأي الآخر المعارض، وبما يشمل اعادة التصريح لصحيفة الوسط بالصدور.
ــــ دعوة مقرر الأمم المتحدة الخاص بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير إلى جدولة زيارة عاجلة إلى البحرين.